أضرار الزنا
حذر الشارع من الزنا لعدة أسباب ظاهرة معلومة قبل وبعد، يقول عليه الصلاة والسلام كما في الصحاح وعند أحمد في المسند وعند أصحاب السنن: (ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، ولا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والمرأة المسترجلة تتشبه بالرجال، والديوث).
والديوث: هو الذي يرى المنكر في أهله فيقره ولا يغار، ولا يكاد يحرك ساكناً.
وإذا كان التلصص على الأموال جزاؤه قطع اليد أولاً، ثم قطع الرجل ثانياً، ثم قطع اليد ثالثاً، ثم قطع الرجل الرابعة إلى أن يصبح لحماً على وضم، فالذي يتلصص على الأعراض ويفسد على الناس أنسابها، هل جزاؤه إلا الرجم، على أن الزنا قد حذر منه الشارع حفاظاً على الأنساب والأحساب، وحفظاً للصحة، وسلوا اليوم الأطباء جميعاً في بلاد الإسلام وبلاد غيرهم، فسيقولون: أكثر ما نعالج هي أمراض الفروج وأمراض الأدبار، وما ذلك إلا نتيجة للزنا، وذلك أن الإنسان مجمع القاذورات ومجمع الأوساخ، ومجمع الجراثيم حتى إذا زنى جمع جراثيمهما لبعضهما، ثم ذهب المتزوج فأفسد بذلك زوجته، وأفسد رحمها، وأفسد أولاده وهم في بطون أمهاتهم، ويحملون من الأمراض والجراثيم ما يصبح عدوى للأم، وعدوى للوليد، وعدوى لمن سيعاشر هذا الوليد.
فهذا القيح والصديد الذي يتوالى من فروج النساء والرجال، وأدبار النساء والرجال، يفسد على الإنسان شبابه، ويفسد على الرجل رجولته، ويفسد على المرأة أنوثتها، ويفسد شهامتهم، ويفسد أخلاقهم، ويصبح كل عضو يحمل مرضاً دائماً مزمناً ينتشر بالمصافحة أحياناً.
وهذا القيح وهذا الصديد الذي ينزل منها أماماً وخلفاً يعلق بالثياب، ويعلق بالمجالس، ويعلق بالحمامات، فيأتي الآخر وإذا به قد علق به، ثم قد يلزمه، فاسألوا الأطباء وقولوا لهم: لم هذه الأمراض؟ فسيجيبونك: هذا نتيجة نشر الزنا، ونشر الفساد، ونتيجة نشر التلصص على الأعراض، فكيف إذا أصبح ذلك في الدولة شيئاً رسمياً تفتح له الدور، وتقوم له بغايا تنتشر في الأحياء، وبين الشباب، وبين المتزوجين، وبين البنات، وبين المتزوجات، فماذا ستكون النتيجة؟ يصبح البلد كله ماخورة من المواخير، وبؤرة فساد، وخمارة من الخمارات، وعادة يضاف لذلك الخمرة والحشيش والبلاء من كل نوع.
ومن هنا ضاعت الغيرة من الناس الذين يرتكبون مثل هذا، وضاع الشرف، وضاعت الرجولة، وضاعت الشخصية، وصاروا أشبه بالكلاب والخنازير؛ لأن هذه هي التي تفقد الغيرة، وتجد أحدهم ينزو على إحداهن والآخرون ينتظرون دورهم دون أن يحركوا ساكناً، ولا يقلدون الجمل في غيرته، ولا الديك على الأقل الذي يكاد يفترس الإنسان فيما إذا حاول أن يمس دجاجته، فتجده يثور ثورة الأسد الهصور، وليس إلا طائراً مسكيناً يذبحه الناس بالملايين يومياً، فلا هو تعلم غيرة الرجال ولا غير ذلك، فما بالك بغيرة المسلمين! وأما الجمل فمن المعلوم عنه أنه إذا رأى إنساناً يأتي ناقته فإنه يحقد عليه إلى أن يقتله، ولا يقبل حتى أن ينظر إليه، وطالما تقاتل فحلان من الجمال في سبيل ناقة فقتل أحدهما الآخر، ولا يفقد الشهامة، ولا يفقد الغيرة إلا إنسان فقد إنسانيته وآدميته بعد أن فقد دينه وإسلامه من قبل، وأصبح كالكلب والخنزير.


الصفحة التالية
Icon