معنى قوله تعالى: (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين)
ثم قال تعالى: ﴿وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: ٢].
أي: وليحضر جلدهما وعقوبتهما طائفة من المؤمنين، والطائفة: قال البعض من الأئمة: تشمل الواحد فما فوق، وما أرى هذا صحيحاً، بل الطائفة: تشمل الجماعة، وقد حدد الإمام مالك والإمام الشافعي الطائفة بالأربعة فما زاد، قالوا: لأنه إذا لم يكن هناك اعتراف فإنه لا تتم إقامة الحد إلا بأربعة شهداء، ولذلك ينبغي أن يكون هؤلاء الأربع من الحاضرين، فإن كان عن اعتراف فليحضر أربعة.
وحضور هؤلاء فيه زيادة العقوبة النفسية، وزيادة الزجر والردع لمن تحدثهم أنفسهم بهذه الجرائم، وبهذه اللصوصية على الأعراض، فإن الإنسان قد يقبل ألف جلدة ولا يفضح بتلك الفضيحة، ولكن هذا من تمام الحد، فلا يفلت منهم وجيه ولا غير وجيه، كبير ولا صغير، ذو جاه أو صعلوك من مساكين المسلمين، فالكل أمام الحق سواء.
في هذه الآية بالنسبة للزناة ذكوراً وإناثاً: أن يجلدوا مائة جلدة، وأن تكون هذه الجلدات دون شفقة ولا رحمة تؤدي إلى النقص من الجلد، أو إلى ألا يكون جلداً موجعاً.
الثالثة: أن يحضر عقوبتهما جماعة من المؤمنين، ولا يتم الحد في الآية الكريمة إلا بذلك.