وجملة ﴿يقول يا ليتني﴾ حالية فهو يعض حالة كونه قائلًا: يا ليتني، فبينت هذه الجملة ما يقول. كما بينت التي قبلها ما يعمل، فصورتاه في حاله الشنيع الفظيع.
و ﴿يوم﴾، منصوب بـ "أذكر" أو معطوف على يوم يرون الملائكة، كما عطف عليه: ويوم تشقق السماء.
و ﴿يوم يرون﴾ منصوب بـ "لذكر"، أو بيمنعون البشرى كما يدل عليه لا بشرى يومئذ للمجرمين.
والتنكير في قوله ﴿سبيلا﴾ للإفراد: أي سبيلًا واحداً لا تعدد فيه بخلاف ما كان عليه الظالم من سبل أهوائه المتعددة المتشعبة.
والألف في ﴿يا ويلنا﴾ منقلبة عن ياء المتكلم، والأصل يا ويلتي، نادى ويلته أي هلكته لتحضر في ذلك الوقت؛ لأنه وقتها. وليس نداؤها رغبة في حضورها، فالهلاك لا يرغب فيه، وإنما نادى الهلاك ليحضر لما حصل له من اليأس والقنوط من أسباب النجاة، فلم يبق له إلاّ الهلاك؛ كما يقول العليل للطبيب وقد أيس من معالجة جرح بيده مثلًا: اقطع، فهذا وقت القطع.
وهكذا يخرج كل نداء في حالة شدة لما لا يخلص منها، وإنما يزيد في اشتدادها كما ينادي الشقي: «يا شقوتاه» والمفتضح: «يا فضيحتاه» والمصاب: «يا مصيبتاه».
وكنى (بفلان) لأن لكل ظالم خليلاً له اسمه الخاص فلا يمكن التصريح بأسماء الجميع، فما بقي إلاّ الكناية عنها بفلان.
وجملة ﴿لقد أضلني﴾ بيان لسبب تمنيه السابق.
و"أل" في الشيطان والإنسان للجنس، فيدخل في جنس الشيطان خليل الظالم الذي صده عن الذكر، وقرين خليله من الجن الذي سوّل له ذلك وأعانه، وقرينه هو الذي زينه له ودعاه إليه.
والجملة من كلام الظالم لإعلان خيبته، وإظهار ألمه منها، لما وجد نفسه وحده مخذولاً ممن أضله وأغواه.
المعنى:
ويوم يعض الظالم لنفسه بالكفر لربه، أو الشرك على يديه ندماً وحسرة على تفريطه، وعدم اتباعه لسبيل الحق مع الرسول الذي أرسل إليه، وعلى توريطه لنفسه بصحبته لخليله وطاعته له، حتى صرفه عن الإيمان بالقرآن، بعدما جاءه وسمعه وتمكن من الإيمان به، فأغواه ذلك الخليل وقرينه، وقرينه هو حتى أردوه ثم خذلوه في ذلك اليوم العظيم في وقت الحسرة والندامة، فلم يجد منهم نصراً ولا معونة، كما هو شأن الشياطين في خذلان من يغووه ويردوه.
إلحاق واعتبار:
كما علينا أن نتبع سبيل الرسول- عليه وآله الصلاة والسلام- التي جاء بها من عند الله


الصفحة التالية
Icon