ويستدعي حسن البيان وعلوم اللسان لتصوير الحق وتجليته والدفاع عنه.
فللإقتداء بالقرآن في الإتيان بالحق وأحسن بيان، علينا أن نحصل هذه كلها، ونتدرب فيها، ونتمرن عليها، حتى نبلغ إلى ما قدر لنا منها.
هذا ما على أهل الدعوة والإرشاد، وخدمة الإسلام والقرآن.
فأما ما على عموم المسلمين من هذا الإقتداء: فهو دوام القصد إلى الإتيان بالحق، وبذل الجهد في التعبير بأحسن لفظ وأقربه.
ومن أخلص قصده في شيء وجعله من وكده أُعين- بإذن الله تعالى- عليه.
...
حشر الكفار إلى النار
﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (٣٤)﴾ [الفرقان: ٣٤].
لما أبطل شبههم، بيّنَ مآلهم وجزاءهم.
(الحشر) السوق والجمع، (المكان) المنزل، (والسبيل) الطريق.
فصلت الجملة (١) لأنها بيان لحالهم في الآخرة، وهو غير الموضوع المتقدم.
عرف المسند إليه بالإشارة في قوله: ﴿أولئك شر مكانًا﴾؛ للتنبيه على أن المشار إليه وهو "الذين" المتقدم، حقيق بما بعد إسم الإشارة من قوله: ﴿شر مكانًا وأضل سبيلاً﴾؛ بسبب ما اتصف به المشار إليه المتقدم، مما دلت عليه الصلة، وهو حشرهم على وجوههم إلى جهنم، الذي ما أصابهم إلاّ بما قدمت أيديهم. في الحقيقة هم أحقاء بكونهم شراً مكاناً، وأضل سبيلاً، بسبب ما أداهم إلى ذلك الحشر، فاكتفي بذكر المسبب عن السبب (٢).
وأفعل التفضيل (٣) لم يذكر معه المفضل عليه؛ ليفيد أن مكانهم شر مكان من أمكنة الشر، وسبيلهم أضل سبيل من سبل الضلال.
وإسناد الضلال للسبيل مجاز.
المعنى:
هؤلاء المشركون القائلون للمقالات المتقدمة، ومن كان على شاكلتهم في الكفر والعناد
(١) أي جملة: ﴿الَّذِينَ يُحْشَرُونَ﴾ فصلت ولم توصل بالواو.
(٢) أي حشرهم على وجوههم سببه ما قدمت أيديهم.
(٣) وهو قوله "شر" و"أضل".
(٢) أي حشرهم على وجوههم سببه ما قدمت أيديهم.
(٣) وهو قوله "شر" و"أضل".