فقه شرعي:
لما كان جعل الليل والنهار خلفة لأجل التذكر والعمل، كان كل واحد منهما صالحاً للعمل الذي يعمل في صاحبه. فمن فاته عمل بالليل أتى به في النهار، ومن فاته عمل بالنهار أتى به في الليل. وهذا إذا كان من العادات فهو على سبيل التدارك، وإذا كان من العبادات فهو على سبيل القضاء.
وقد روى ابن جرير- بسند حسن (١): «أن رجلاً جاء إلى عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- فقال: فاتتني الصلاة الليلة! فقال: أدرك ما فاتك من ليلتها في نهارك، فإن الله جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر، أو أراد شكوراً».
ومن هذا ما رواه مسلم والأربعة عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: «من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كتب له كأنما قرأه من الليل» (٢).
فقه قرآني:
حياة الإنسان من بدايتها إلى نهايتها، مبنية على الأركان الثلاثة:
الإرادة، والفكر، والعمل.
وهي المذكورات في هذه الآية، لأن التذكر بالتفكر والشكر بالعمل. فاستفادة الإنسان مما خلقه الله له، وجعله لأجله، لا تكون إلاّ بهذه الثلاثة.
وهذه الثلاثة متوقفة على ثلاثة أخرى لا بد للإنسان منها:
فالعمل متوقف على البدن.
والفكر متوقف على العقل.
والإرادة متوقفة على الخلق.
فالتفكير الصحيح من العقل الصحيح، والإرادة القوية من الخلق المتين، والعمل المفيد من البدن السليم.
فلهذا كان الإنسان مأموراً بالمحافظة على هذه الثلاثة: عقله، وخلقه، وبدنه، ودفع المضار عنها، فيثقف عقله بالعلم، ويقوم أخلاقه بالسلوك النبوي، ويقوي بدنه بتنظيم الغذاء، وتوقي الأذى، والتريض على العمل.
(٢) رواه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها حديث ١٤٢، وأبو داود في التطوع باب ١٩، والترمذي في الجمعة باب ٥٦، والنسائي في قيام الليل باب ٦٥، وابن ماجة في الإقامة باب ١٧٧، والدارمي في الصلاة باب ١٦٧. ورواه أيضاً مالك في الموطأ (كتاب القرآن، باب ما جاء في تحزيب القرآن، حديث ٣) موقوفاً على عمر بن الخطاب رضي الله عنه.