يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء: ٨٢]، ولا خطيئة له، ولجميع الأنبياء والمرسلين، لا من الكبائر ولا من الصغائر على كل حال.
وبدليل أنه هو عليه الصلاة والسلام قال:
«وَاللهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً»، رواه البخاري (١). وليس هذا لذنب لا صغير ولا كبير، وإنما لعلمه بالله، وعظيم حقه وشدة تعظيمه لربه؛ فيخاف المؤاخذة، فيطلب المغفرة.
فَبَانَ بهذا أن خوف الإجلال لا يتجرد عن خوف المؤاخذة.
وبعد هذا البيان، نقول لحضرته: لا تستدل بالحديث دون بيان رتبته، ولا ذكر لمخرجه، وما هكذا يكون استدلال الأمناء من العلماء، وإنه يرمي الأحاديث هكذا مهملة، اختلط الحق بالباطل، وتجرأ على السنة النبوية الغبي والجاهل، حتى بلغ الأمر إلى نسبة الأحاديث إلى كتب الإسلام المتفق عليها ولا وجود لها فيها!
أما نحن:
فلا نعرف هذا الدعاء في الصحاح المتداولة عندنا، فليتك تبين من أين جئت به؛ حتى نعرف مقدار ما تعتمد في احتجاجك عليه.
١١ - وقال: للأنبياء عليهم الصلاة والسلام حالتان:
(أ) حالة مع الله تعالى لا يرون فيها غير جلاله وعظمته.
(ب) وحالة مع الخلق.. يستغفرون ويستعيذون من النار وسوء المنقلب، وفتنة القبر والدجال، ويطلبون الرحمة والثواب والجنان اهـ.
قد بينا أن رؤية جلال الله مما يبعث على الخوف من المؤاخذة، كما مضى عن ابراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام، فلا يتجردون عن الخوف: خوف الإجلال وخوف المؤاخذة في حالتهم مع الله. وقد دل حديث عائشة الذي قدمناه.. أن النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، كان في سجوده في جوف الليل، والناس نيام فيما بينه وبين ربه- استعاذ برضا الله من سخطه، وبمعافاته من عقابه. فكانوا يستعيذون ويرجون ويخافون في حالتهم مع الله.
وأما حالتهم مع الناس فإنهم كانوا يعلمون، وكانوا يخبرون عن أنفسهم بخوفهم وطمعهم.
كما أخبر إبراهيم عليه الصلاة والسلام بطمعه، وأخبر محمد عليه الصلاة والسلام أصحابه بأنه أتقاهم لله، وأخوفهم له، وأخبر عن استغفاره لربه، وإخبارهم حق صدق لا شك فيه.
ولا يجوز أن يقال: