ومظهر هذا الشعور أن يحرص على خيرهم كما يحرص على نفسه، وألا يكون اهتمامه بها دون اهتمامه بهم.
واجب القائد والزعيم:
هذه النملة هي كبيرة النمل، فقد كان عندها من قوة الإحساس ما أدركت به الخطر قبل غيرها، فبادرت بالإنذار.
فلا يصلح لقيادة الأمة وزعامتها إلاّ من كان عنده من بعد النظر، وصدق الحدس، وصائب الفراسة، وقوة الإدراك للأمور قبل وقوعها، ما يمتاز به عن غيره، ويكون سريع الإنذار بما يحس وما يتوقع.
عظة بالغة:
هذه نملة وفت لقومها، وأدت نحوهم واجبها!!
فكيف بالإنسان العاقل فيما يجب عليه نحو قومه؟!
هذه عظة بالغة لمن لا يهتم بأمور قومه، ولا يؤدي الواجب نحوهم، ولمن يرى الخطر داهماً لقومه، فيسكت ويتعامى، ولمن يقود الخطر إليهم ويصبه بيده عليهم.
آه ما أحوجنا- معشر المسلمين- إلى أمثال هذه النملة!
الآية الخامسة
﴿فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (١٩)﴾ [النمل: ١٩].
(التبسم) انفراج الشفتين على الأسنان، وقد يكون للغضب، وقد يكون للسخرية، وقد يكون للضحك، وهو الأكثر، وهو بدايته؛ ولهذا قيد بـ"ضاحكًا".
﴿أوزعني أن أشكر﴾ ألهمني شكر نعمتك. وتحقيقه في اللغة والتصريف، أنك تقول: وزعت الشيء أي كففته وأوزعني الله الشيء أي جعلني أزع ذلك الشيء أي أكفه. كما تقول: ركبت الفرس وأركبني زيد الفرس، أي جعلني أركبه، فأوزعني شكر نعمتك: أي اجعلني أزع أي أكف شكر نعمتك، أي أمنعه من أن يذهب عني وينفلت مني، فالمقصود: اجعلني ملازما لشكرك فلا أنفك لك شاكراً.
﴿نعمتك﴾ عام يشمل كل نعمة لله عليه وعلى والديه.


الصفحة التالية
Icon