ومنه فهم عمر وابن عباس- رضي الله عنهما- أجل رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- من سورة النصر (١).
أما ما لم تتوفر فيه الشروط المذكورة، وخصوصاً الأول والثاني؛ فهو الذي لا يجوز في تفسير كلام الله، وهو كثير في التفاسير المنسوبة لبعض الصوفية: كتفسير ابن عبد الرحمن السلمي من المتقدمين، والتفسير المنسوب لابن عربي من المتأخرين.
الآية السابعة
﴿لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٢١)﴾ [النمل: ٢١].
﴿عذاباً شديداً﴾ بنتف ريشه، هكذا فسره ابن عباس وجماعة من التابعين (٢).
﴿بسلطان مبين﴾ بحجة قاطعة توضح عذره في غيبته. سميت الحجة سلطاناً لما لها من السلطة على العقل في إخضاعه.
أفادت "أو" أن المحلوف على حصوله هو أحد الثلاثة، فإذا حصلت الحجة فلا تعذيب ولا ذبح، ولو لم تحصل لفعل أحدهما.
وقدم التعذيب لأنه أشد من القتل، وحالة الغضب تقتضي تقديم الأشد.
المعنى:
يقسم سليمان على معاقبة الهدهد- وقد تحقق غيبته- بالتعذيب أو بالذبح، إذا (٣) لم يأته بالحجة التي تبين عذره في تلك الغيبة، ولا يستثني للعفو ولا يجعل سبباً لسلامته من العقوبة إلاّ الحجة.
(٢) منهم مجاهد وقتادة والضحاك ويزيد بن رومان وابن زيد وحسين بن أبي شداد. انظر تفسير الطبري (٩/ ٥٠٦، ٥٠٧).
(٣) كانت بالأصل "إذْ" والصواب ما أثبتناه.