المعنى:
وجدتها وقومها مجوساً يعبدون الشمس فيسجدون لها، ولا يسجدون لله.
وقد تمكن الشيطان منهم فحسن في أعينهم أعمالهم، فصرفهم عن عبادة الله وتوحيده، مع ظهور الدلائل ووضوح الآيات؛ فثبتوا على ضلالهم: لا يكون منهم اهتداء لطريق النجاة الظاهر، في حال من الأحوال.
سلاح الشيطان وأصل الضلال:
محبة الإنسان نفسه غريزة من غرائزه، وهو محتاج إليها ليجلب لنفسه حاجتها ويدفع عنها ما يضر بها، ويسعى في تكميلها.
هذه هي الناحية النافعة والمفيدة من هذه الغريزة.
ولكنها من جهة أخرى هي مدخل من أعظم مداخل الشيطان على الإنسان، فيحسن له أعماله، وهو لمحبة نفسه يحب أعماله ويغتر بها؛ فيذهب مع هواه في تلك الأعمال على غير هدى ولا بيان، فيهلك هلاكاً بعيداً.
فاستحسان المرء لأعماله هو أصل ضلاله، وتزيين الشيطان لتلك الأعمال هو أحد أسلحة الشيطان.
الوقاية:
فعلى المرأ أن يتهم نفسه في كل ما تدعوه إليه، وأن يزن جميع أعماله بميزان الشرع الدقيق، خصوصاً ماتشتد رغبته فيه، ويعظم حسنه في عينيه.
الآية الحادية عشرة
﴿أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (٢٥)﴾ [النمل: ٢٥].
﴿ألا يسجدوا﴾ عدم سجودهم، فـ"أنْ" مصدرية، و"لا" نافية، وهو بدل بعض من أعمالهم خصص بالذكر لأنه أصل كفرهم ومبعث فساد أعمالهم.
﴿الخبء﴾ الشيء المخبوء، فَعْل بمعنى مفعول، يقال: خبأت الشيء أخبؤه خبأً، بمعنى: سترته عن العيون.
فالخبء يشمل كل ما احتوته السموات والأرض مما يبرزه الله للخلق لمنفعتهم فتشاهده العيون مثل المطر والنبات، أو تدركه العقول، مثل بدائع الخلق، ودقائق الصنع.