علمية كونية، أجمع عليها علماء العصر أنها من المكتشفات الحديثة، ولم تكن معلومة عند أحد من الخلق قبل اكتشافها، ولا كانت عندهم الآلات الموصلة إلى معرفتها.
وكفى بهذا القلّ من الكثر دليلاً على أن هذا القرآن ما كان إلاّ من عند الله الذي خلق الأشياء، ويعلم حقائقها.
العقيدة الثالثة: الإسلام دين الله الذي شرعه وارتضاه:
ودليلها مستفاد من وصفه بأنه صراط مستقيم، فهو تشريع تام عام لجميع أعمال الإنسان:
أعمال قلبه، وأعمال لسانه، وأعمال جوارحه، وجميع معاملاته الخاصة والعامة بين أفراده وأممه، ولا تخرج كلية من كلياته ولا جزئية من جزئياته عن هذا الأصل العام، المتجلي في جميع الأحكام، وهو "الحق والخير والعدل والإحسان".
...
وقد وضع عقلاء الأمم شرائع في بعض نواحي أعمال الإنسان، ولكنها بإجماع المتشرعين لا تخلو من نقص واعوجاج واضطراب، فهم ما يفتئون يتعبونها بالتكميل والتقويم والتعديل على مر الأيام.
ولو عرضت كل حكم من أحكامه على الأصل العام الذي ذكرناه، لوجدته منطبقاً عليه ظاهراً فيه، حتى ما خفي وجهه على الأمم الأجنبية من الإسلام أيام تأخرها قد ظهر لها فضله ونفعه أيام تقدمها فجاء كبراء عقلائها يعترفون فيها بصواب ما شرعه فيها الإسلام.
ثم هم يعجزون عن تطبيقها على أممهم، للعادة الغالبة والوراثة القديمة، منها مسألة الطلاق، وتعدد الزوجات، وتحريم الربا تحريماً باتاً.
فكم من عالم غير مسلم، صرح بأن الحق والعدل والخير للإنسانية في هذه المسائل، هو ما شرعه الإسلام، على الوجه الذي شرعه الإسلام.
بهذه الاستقامة التامة العامة المضطردة، في شرع ما جاء به رجل أمي، من أمة أمية جاهلية، يجزم كل عاقل بأنه ليس من وضع العباد، وإنما هو من وضع خالق العباد.
...
الوحي مصدر الإسلام
جملة ﴿تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾ بينت وجه استقامة ذلك الصراط الذي هو الإسلام، بأنه تنزيل العزيز الرحيم.
وأفادت أن جميع هذا الدين وحي من الله منزل على نبيه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-؛ وهذا لأن مرجع الإسلام في أصوله وفروعه إلى القرآن، وهو وحي من الله، وإلى السنة النبوية، وهي وحي أيضا لقوله تعالى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم: ٢، ٣].


الصفحة التالية
Icon