في جميع مظاهر شركهم، حتى في صورة القول، كما "شاء الله وشاء فلان". فلا يقال: "وشاء فلان" كما جاء في حديث (١) بيناه في جزء من الأجزاء الماضية.
أو في صورة الفعل: كأن يسوق بقرة أو شاة مثلاً إلى ضريح من الأضرحة، ليذبحها عنده، فإنه ضلال كما قاله "الشيخ الدردير في باب النذر".
فضلاً عن عقائدهم: كاعتقاد أن هناك ديواناً من عباد الله يتصرف في ملك الله وأن المذنب لا يدعو الله وإنما يسأل من يعتقد فيه الخير من الأموات، وذلك الميت يدعو له الله!!
لتأكيد أمر المباينة للمشركين في هذا كله نص عليها بالتصريح كما قلنا، وللبعد عن الشرك بجميع وجوهه وصوره وجليه وخفيه.
والمباينة والتبري لازمة من كل كفر وضلال، وذلك مستفاد من الدعوة إلى الله وتنزيهه. وإنما خصص المشركين لما تقدم ولأن الشرك هو شرك الكفر وأقبحه.
ولما كانت هذه المباينة والبراءة داخلة في الدعوة إلى الله وتنزيهه، فالمسلمون المتبعون لنبيهم- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- كما يدعون إلى الله على بصيرة، وينزهونه؛ يباينون المشركين في عقائدهم وأعمالهم وأقوالهم، ويطرحون الشرك بجميع وجوهه، ويعلنون براءتهم وانتفاءهم من المشركين. والحمد لله رب العالمين.
...
٢ - كيف تكون الدعوة إلى الله والدفاع عنها
﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (١٢٥)﴾ [النحل: ١٢٥].
سبيل الرسل جل جلاله:
شرع الله لعباده- بما أنزل من كتابه، وما كان من بيان رسوله- ما فيه استنارة عقولهم، وزكاء نفوسهم، واستقامة أعمالهم.
وسماه سبيلاً ليلتزموه في جميع مراحل سيرهم في هذه الحياة، ليفضي بهم إلى الغاية المقصودة، وهي السعادة الأبدية قي الحياة الأخرى.
وأضافه إلى نفسه، ليعلموا أنه هو وضعه، وأنه لا شيء يوصل إلى رضوانه سواه.