المذنب، لأنه غير مباشر لذنبه في حال تلاوته، وإنما المقصود تحذيره من الاستمرار على المخالفة، وترغيبه في المبادرة بالتوبة ليكمل له أجر تلاوته بكمال حالته.
هذا حظ العلم في الاستدلال على حاجة المذنبين إلى تلاوة القرآن العظيم.
وأما حظ التجربة: فوالله الذي لا إله إلاّ هو، ما رأيت- وأنا ذو النفس الملأى بالذنوب والعيوب- أعظم إلانة للقلب، واستدراراً للدمع، وإحضارا للخشية، وأبعث على التوبة من تلاوة القرآن وسماع القرآن.
عود إلى تتميم الكلام على التحذير:
ليحذر القارىء من السرعة في التلاوة التي تؤدي إلى تخليط كلماته، وتذهب بحلاوته، وتمنع من بقاء أثره في النفس.
وليحذر من ذهاب قلبه مسترسلاً مع خواطره، منصرفاً عن تدبره والتذكر به، وإذا عرضت له الخواطر فليصرفها ليدفعها، وليحمل فكره على تدبر آيات الكتاب، ولا ينقطع عن التلاوة إذا كانت تلك الخواطر لا تفارقه، فإن تصميمه على دفعها مع تكاثرها من جهاد لنفسه، الذي يثاب عليه، وينتهي به في الأخير إلى الانتصار عليها.
وليحذر من الاستمرار على ما عنده من مخالفة لأوامر ونواهي الكتاب ومن عدم الخوف والوجل عند المرور بآيات الوعيد والتقريع على ذلك الذنب، إذا لم يوفق للتوبة في بعضها، فليستحضر الخشية والخضوع عند الآيات المتعلقة بذلك الذنب، وليكررها وليتفهمها. وليقف عندها وقفة العاجز الذليل الفقير المتضرع لربه، المتعرض لرحمته بتلاوة كلامه، فإن هذا من أعظم الوسائل لتيسير التوبة.
فرتل القرآن، وتدبر معانيه، والزم حدوده، واضرع إلى الله تعالى أن يرزقك التوبة فيما عندك من مخالفة تكن من الفائزين بإذن رب العالمين.