الوجه الأول: ألا يكون هناك فعل يناسب الفعل المنطوق به حتى تخرج الجملة على طريقة التضمين، ومثل هذا نَصِفه بالخطأ والخروج عن العربية ولو صدرت عن العارف بفنون الكلام.
الوجه الثاني: أن يكون هناك فعل يصح أن يقصد المتكلم لمعناه مع معنى الفعل الملفوظ، وبه يستقيم النظم، وهذا إن صدر ممن شأنه العلم بوضع الألفاظ العربية، ومعرفة طرق استعمالها، حُمل على وجه التضمين الصحيح كما قال سعد الدين التفتازاني: فشمرت عن ساق الجد إلى اقتناء ذخائر العلوم. والتشمير لا يتعدى بـ (إلى) فيحمل على أنه قد ضمن شمر معنى (الميل) الذي هو سبب التشمير عن ساق الجد. من هنا نعلم أن من يُخطئ العامة في أفعال متعدية بنفسها، وهم يعدونها بالحرف مصيب في تخطئته، وليس معنى هذا أن التضمين سائغ للعارف بطرق البيان دون غيره، إنما أريد أن العارف بوجود استعمال الألفاظ لا نبادر إلى تخطئته متى وجدنا لكلامه مخرجا من التضمين الصحيح.
وذكر أبو البقاء في كتابه الكليات عن بعض العلماء أن التضمين ليس من باب الكناية ولا من باب الإضمار بل من باب الحقيقة إذا قصد بمعناه الحقيقي معنى آخر يناسبه ويتبعه في الإرادة، وذكر عن بعضهم أن التضمين إيقاع لفظ موقع غيره لتضمنه معناه وهو نوع من المجاز. ومن هذا الفن في اللغة شيء كثير لا يكاد يحاط به. فقوله هذا يوحي بأن التضمين قياسي وليس بسماعي.
والتضمين إلحاق مادة بأُخرى لتضمنها معناها باتحاد أو تناسب. وظاهر من هذا أن الكلمة تستعمل في حقيقتها ومجازها (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ) أي يمتنعون بالحلف عنهم. وليس حقيقة الإيلاء الإ الحلف،


الصفحة التالية
Icon