قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا) (أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ) تضمن معنى (تُدعَوا) كما ذكر الطبري والعز وأبو السعود والجمل والبيضاوي وقال القرطبي: ولكن إذا دعيتم وأذن لكم في الدخول فادخلوا وإلا فالدعوة نفسها لا تكون إذنا كافيا في الدخول لأنه حرام. وإنما جاز الأكل، فإذا انقضى الأكل زال السبب المبيح، وعاد التحريم إلى أصله ا. هـ. وأورد ذلك الآلوسي وزاد عليه: ويجوز في (إلى طعام) أن يكون قد تنازع فيه الفعلان: تدخل ويؤذن.
أقول: وظاهر الأمر أن تضمين (أذن) معنى (دعا) استدل به المفسرون من قول اللَّه تعالى: (وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا) وإذا كان الأمر كما قالوا: لا تدخلوا إلا أن تدعوا إلى طعام فما معنى الاستدراك (وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا)؟ إنه إذا من فضول القول وإنما تضمن الإذن معنى السماح والمتعدي باللام وإلى، والمعنى: لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يسمح لكم إلى طعام. والمستضاف يستأذن المضيف ليأذن له ويصبح الاستدراك عندئذ (وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ) كالتنيه على الخبيء ليدرك، والدفين ليستخرج. أي إذا وجهت إليكم دعوة فادخلوا، ولا داعي للإذن ما دامت تحمل معناه على الوجه


الصفحة التالية
Icon