أرأيت كيف يبعث إلطاف النظر في الفعل حين يتعدى بغير حرفه على الكشف عن غرضه؟!
إنه التضمين... وإنه غور من العربية بطين، ومذهب نازح فسيح.
* * *
قَالَ تَعَالَى: (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) قال الزركشي: أي يمتنعون من وطء نسائهم بالحَلف. وذهب أبو حيان إلى أن (آلى) لا يتعدى بـ (مِن) فقيل: (مِنْ) بمعنى (على) وقيل بمعنى (في) ويكون ذلك على حذف مضاف أي على ترك وطء نسائهم أو في ترك وطء نسائهم. وقيل: (مِنْ) زائدة والتقدير يؤلون أن يعتزلوا نساءهم، وقيل: يتعلق بمحذوف. وقال الراغب: الإيلاء: الحلف الذي يقتضي النقيصة في الأمر الذي يحلف فيه وصار في الشرع: الحلف المانع من جماع الزوجة.
أقول: الإيلاء لازم لا يتعدى، وإنما تعدى هنا ب (مِنْ) لتضمنه معنى الامتناع بالحلف وامتنع يتعدى بمن. ولو سألت لم جاء التعير بلفظ الإيلاء بدل الامتناع؟ لأجبت: لوجود معنى الحلف المانع من المعاشرة الزوجية.
فإن كان علاجا موقوتا للزوجة المتكبرة على زوجها لإذلاله فقد جاء التحديد بأربعة أشهر لمواجهة هذه المشكلات في الحياة الزوجية بألا يزيد على الأربعة وإلا صار إيذاء للزوجة وإضرارا بها في الهجران، وتمزيقا لأوصال العشرة الزوجية في تحطيم الأسرة، لقد رفع اللَّه هذه الرابطة إلى مستوى العبادة وأراد لها الاستقرار. الزواج في الإسلام عبادة، نعم عبادة في المباشرة والإنسال، في الطلاق والانفصال، في العدة والرجعة، في النفقة والمتعة، في الإمساك


الصفحة التالية
Icon