و (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ) و (أَنُؤْمِنُ لَكَ).
أقول: جاء فعل الإيمان متعديا بالباء فتضمن معنى التصديق، وتعدى باللام فتضمن معنى الرضى والتسليم والإذعان لأن إيمانهم يعصمهم من الكذب والرياء، فرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يقبل ما يقولونه ويسلم لهم راضيا لما يسمعه منهم، إنه الرحمة المهداة وإنه الإيمان، وإنه الرضا والتسليم.
أرأيت إلى تعدية الأفعال بحروف المعاني في هذه اللغة الشريفة كيف تبدي لك محاسنها، لتتأملها بالبشر والإيناس من خلال تركيبها في دقة المسلك ولطف المأخذ على وجه مستطاب، حين جمعت معنى التصديق إلى الرضا والتسليم والإذعان وأبلغ اللفظ ما تعددت وجوه إفادته.
* * *
قَالَ تَعَالَى: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) (٥).
قال العز بن عبد السلام: يقرون بالغيب لإفادة معنى التصديق بالقلب والإقرار باللسان ومثله: (آمَنُوا بِاللَّهِ) معناه صدقوا وحدانية اللَّه وأقروا بها. ضمن آمن معنى أقر فعداه تعديته فصار متضمنا لتصديق الجنان وإقرار اللسان.