السبب، والتعجب، والجزاء، ولام الولاية. فإنما أوحت بهذه المعاني الأفعال التي دخلت عليها.
قال الخليل: لام المدح في قوله تعالى: (وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) ولام الذم في قوله تعالى: (لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (١٣).
أقول وباللَّه التوفيق: الوقوف على الحرف والتقيد به دون الالتفات إلى السياق والنظرة الشمولية إليه، يُحدث فجوة ولو نسبية بين الجزء والكل، فالمدح والذم في الآيتين مستفاد من نعم وبئس لا من اللام. كذلك اللام التي في موضع إلى في قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ) ارجع إلى فعل سقى من كتابنا هذا في الجزء الثاني. ومثله قوله تعالى: (سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ) ارجع إلى فعل نادى في الجزء الثاني. ومثله قوله: (هَدَانَا لِهَذَا).
وحروف المعاني في نُبل قَدرها، ونباوة محلها تكون باعثاً لك على استحضار الخاطر، فإذا طالعك أحدها وتأبى عليك معناه، أو اعتاص فهمه، فسياقه والقرائن التي تَعيج به تُصحِب لك أبيَّه فتُشارف معناه، ويتلوح لك بعضُ قُصوده.