أحد المعاصرين: غير أن ابن قيم الجوزية يعد هذا تضمينا وليس هو من التضمين في شيء وإنما هو من تعاور الحروف وإنابة بعضها عن بعض.
أقول: لو سلمنا لهذا الباحث تسليم نظر فهل له في دعواه مُرتَفَق نتوركه أو دليل معه عليه؟ قال الأصوليون: إذا دخل الدليل الاحتمال سقط به الاستدلال. وأسوق هذا الشاهد لنزداد وضوحا: قَالَ تَعَالَى: (وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ) وقال: (فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ) قال العز: أخبتوا إلى ربهم تابوا وأنابوا عداه بـ إلى ليجمع بين التوبة والتواضع، وقال: وأخبتوا إلى ربهم ضُمن المعنى أنابوا.
وقال الزركشي والجمل: أخبت فلان إلى كذا اطمأن إليه وأخبت له: خضع وخشع. وقال ابن عباس: وأخبتوا إلى ربهم أخلصوا وخضعوا وخشعوا. وتخبت له: تخلص له وتقبله. وقال مجاهد: أطاعوا. وقال قتادة: خشعوا، وقال مقاتل: أخلصوا. وقال الفراء: إلى ربهم ولربهم واحد.
أقول: أخبت إلى: تضمن معنى اطمأن. فالحرف (الى) مع امتداد الصوت وتفريغ النَّفَس وراحة الصدر يفيد اطمئنان القلب وسكون الأعضاء، وهذا المعنى يتفق مع سياق الآية: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ). أما أخبت له نقد تضمن معنى خضع والخضوع فيه كسر النفس، والحرف (لِ) مع الكسرة الخاطفة