قال الزمخشري: يضمنون الفعل معنى فعل آخر فيجرونه مجراه ويستعملونه استعماله، مع إرادة معنى المتضمن قال: والغرض في التضمين إعطاء مجموع المعنيين، وذلك أقوى من إعطاء معنى فذ ألا ترى كيف رجع معنى (وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ) إلى قولك: ولا تقتحمهم عيناك مجاوزتين إلى غيرهم.
وقال الشيخ سعد الدين التفتازاني في حاشية الكشاف: فإن قيل: الفعل المذكور إن كان مستعملا في معناه الحقيقي فلا دلالة على الفعل الآخر، وإن كان في معنى الفعل الآخر فلا دلالة على معناه الحقيقي. وإن كان فيهما جميعا لزم الجمع بين الحقيقة والمجاز. قلنا: هو في معناه الحقيقي مع حذف حال مأخوذة من الفعل الآخر بمعونة القرينة اللفظية. فمعنى (يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ): أي نادما على كذا، ولا بد من اعتبار الحال، وإلا كان مجازاً لا تضميناً، وكذا قوله تعالى: (يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) أي معترفين بالغيب. أ. هـ وقال ابن يعيش: والتحقيق في ذلك أن الفعل إذا كان في معنى فعل آخر، وكان أحدهما يصل إلى معموله بحرف والآخر يصل بآخر، فإن العرب قد تتسع فتوقع أحد الحرفين موقع صاحبه، إيذانا بأن هذا الفعل بمعنى ذلك الآخر، وذلك كقوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ) وأنت لا تقول: رفثت إلى المرأة، وإنما: رفثت بها، لكنه لما كان الرفث هنا في معنى الإفضاء، وكنت تعدي أفضيت بـ (إلى)، جئت بـ (إلى) إيذانا بأنه في معناه.