قَالَ تَعَالَى: (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) (١).
قال الموزعي: واختلف أهل العلم في الباء فقيل: للمصاحبة وقيل: للاستعانة. وتساءل السهيلي: ما فائدة دخول الباء في: (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ). ولم تدخل في: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى).
وأجاب: التسبيح قسمان:
أحدهما: أن يُراد به التنزيه والذكر. والثاني: يُراد به الصلاة. وهي ذكر مع عمل، فإذا أردت التسبيح المجرد فلا معنى للباء لأنه لا يتعدى بحرف جر فلا تقول: سبحت بالله، وإذا أردت المتضمن لمعنى الصلاة أدخلت الباء فتقول: سبح باسم ربك وصل باسم ربك أي مفتتحا باسمه. وكذلك دخلت اللام في قوله: (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ). لأنه أراد السجود والطاعة (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ).
أما أبو حيان فقال في معناها: أي ملتبسا بحمده على هذه النعم التي خوَّلكها مِن نصرك على الأعداء وفتْحِك البلاد وإسلام الناس.
وذهب ابن هشام ومن معه كابن عقيل والزركشي: إلى أن الباء للمصاحبة والحمد مضاف إلى المفعول أي فسبحْه حامدا له: نَزّهْهُ عما لا يليق به، وأثبتْ له ما يليق به. وقيل: الباء للاستعانة والحمد مضاف إلى الفاعل: أي سبِّحه بما حِمد به نفسه، إذاً ليس كل تنزيه بمحمود، ألا ترى أن تسبيح المعتزلة اقتضى تعطيل كثير من الصفات؟.