حذفِ يشفع بشرح أحواله المحيطة به، فنضطر في معرفته أن نلجأ إلى سياقه، والسياق هدانا بمعونة المقام ودلالة القرائن إلى قصدهما من وراء الاستباق: فقصده لينجوَ... شهد ببراءته أهلها حين قال العزيز: (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ) وقصدها لتظفر بمطلوبها فقدَّت قميصَه من دُبُر لترده عن الباب وتظفرَ بحاجتها. وهاهي تدرأ شناعة السقوط عن نفسها حين تلصق به ظاهر معزتها فتسأل زوجها العزيز (مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا).
وخشيت من عاقبة السؤال أن يؤدي إلى غير ما اعتزمته ونقضِ ما رامته، فقالت: (إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ) خوفاً عليه أن يبطش العزيز به، هذا ظاهر الأمر وعليه صفحة القول.
أما ما ذكره الزمخشري وغيره من الحذف والإيصال فلا يكشف عن غرضه، فما كل زهرِ يُنْبِتُ الروضَ طيبُ.
* * *
قَالَ تَعَالَى: (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (١٤٧) وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا) (٤).
قال الزمخشري: استبقوا إليها غيركم. وقال أبو السعود: تسابقوا إليها بنزع الجار. وقال الجمل: بادروا إلى الطاعات. والخيرات منصوب بنزع الخافض.