قَالَ تَعَالَى: (نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٦٠) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ) (١).
السبق لغة: الفوات. قَالَ تَعَالَى: (أَمْ حَسِبَ... أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) قال الطبري: وما نحن بمسبوقين أيها الناس في أنفسكم وآجالكم، فمُفتات علينا فيها في الأمر الذي قدرناه لها من حياة أو موت، لا يتقدم ما أجلناه ولا يتأخر، فجعل (وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) جملة معترضة. أ. هـ.
وقال العز: ويأتي متعديا بـ (على) فيحمل على التضمين: وما نحن بمغلوبين، ولا يقال: سبق على كذا إلا مضمنا.
وضمنه القرطبي وابن جزي والشوكاني: مغلوبين.
وضمنه الجلالين: عاجزين وجعل (على) بمعنى (عن) لأن فعل عجز يتعدى بـ (عَنْ) فنضطر إلى تضمين الحروف أيضا وجوز الجمل: تعليق (على أن نبدل) بمسبوقين أو بـ قدرنا. وضمنه البروسوي: (قادرين) لا يغلبنا أحد على أن نذهبكم ونأتي بأشباهكم.
أقول: أمر الخلق وأمر الموت واضح لا تعقيد فيه، وهو أضخم الحقائق الكونية يخاطب الفطرة. نحن قدرنا الموت لا يفلت منه أحد، وهو حلقة في سلسلة النشأة المتكاملة، وتقديرنا مبني على تبديل وتجديد في الأجيال لعمارة الأرض والخلافة فيها حتى تنتهي النشأة الأولى (الدنيا) وتبدأ


الصفحة التالية
Icon