النية لم تتحول إلى عزيمة أو تنفيذ، أما الجد والتسابق فهو آثر في أنفسهم، تأهبوا له، ونشّموا فيه، ومارسوه... فهم أوائل في فعل الخير، إنها اليقظة التي يُولدها الإيمان حين يستقر في القلب، ويتصل بالخالق. يدلنا على ممارستهم لها ما جاء في وصفهم (وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) فلهم فيها يد سلفت يمارسونها من قبل وليست جديدة عليهم.
ولو سأل سائل: ما داموا يمارسونها، لمَ جاء التعبير بالمسارعة؟ أقول: ليُضيف معنى الجد والمضي والاهتمام والسَّبْق في ممارستها والتنشيم فيها والتعجيل في أدائها. وليسست الممارسة التي تتساهل من ضعف، وتترخص من كسل.
إنه التضمين...
* ربما أستفْتحُ بالتضمين مغاليقَ الكَلِم *
* * *
قَالَ تَعَالَى: (مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ... إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى
الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ) (١).
قال أبو السعود: ليس عليهم إثم ولا إلى معاتبتهم سبيل، وإنما السبيل في اللائمة والعقوبة على الذين... ونقله الجمل. وقال أبو حيان: يستأذنونك في التخلف عن الجهاد وهم قادرون عليه لغناهم وكان خبر السبيل هو (على الذين).
أقول: ترك ربنا (السبيل) مفتوحا ليعدد شعابه، ويطلق مناحي القول فيه، فقد يكون سبيل المعاتبة أو المؤاخذة أو المضايقة أو الحرج أو الجُناح