بقي سؤال: إذا كان المراد انشغال الفكر والقلب بالقرآن فلم قال يستمعون؟ لو قال يهتمون به لضاعت علينا وسيلة الاهتمام وهي السمع إلا أن يقول: يهتمون بما يسمعونه من القرآن أو يشغلون به أسماعهم ما دامت معجزته صلوات اللَّه عليه سمعية وليست بصرية كموسى وعيسى.
ولو قال يسمعونه بدلًا من يستمعون به لضاع علينا انشغال قلوبهم بسحر بيانه، والإعجاز البياني يقتضي الإيجاز.
وتعدية الفعل بغير حرفه المألوف وفر لنا هذا الإعجاز عن طريق التضمين، فافزعْ إليه لتحلى نفسُك به، إنه الشَّهْدُ: من ذاق عرف.
* * *
قَالَ تَعَالَى: (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ) (١).
قال أبو حيان: ليست اللام زائدة بل ضمن معنى (تصغي وتميل) فعُدِّي باللام، وردد ذلك الجمل والعز والزركشي والآلوسي وذكر السهيلي للسمع معاني عدة: سمع الإدراك، وسمع الفهم، وسمع القبول، وسمع الاستجابة...