لدى كل محاولة يائسة في استراق السمع ليظفروا بأثارة من خبر. كما سلب فعل السمع من الدلالة على زمن مخصوص ليكون مبهما ومعلقا على أي وقت تجري فيه محاولة التسمع.
وقرئ: (لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى)، وقرئ: (لَا يَسْمَعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى).
وما ذهب إليه المفسرون من تضمين السمع معنى الإصغاء لا شيء من ورائه، ولكن لما أريد تضمين السمع معنى الرقي أو الارتقاء عداه العليم بـ (على) إشعارا أن الرقي وسيلة السمع في الوصول إلى مبتغاه، إلى الملأ الأعلى لاستراق السمع، ولكن هيهات... فكيف يفلت المرتقي من قذائفَ محرقةٍ تأتيه من كل جانب دحورا؟
إنه التضمين يأخذ بيدك لتستضيء به ولا مَعدِل لك عنه، تفزع إليه لتحصيل الغرض الذي أُريد منه، وجيء به من أجله.
* * *
قَالَ تَعَالَى: (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (٣).
ذكر الزمخشري: لبلد ميت الأصل بلد ليس فيه حياة فأنزلنا به: بالبلد أو بالسحاب أو بالسَّوق.