والتفطر تظهر مزية التضمين في الكشف عن سر هذه الحروف فتُكسب المعنى نفاسة والصورة حيوية وحركة.
المشهد المزلزل الذي يهز القلوب بنبراته الشديدة وإيقاعاته القوية حين جمع التفطر إلى التشقق، ومن عادة العرب أن تعطي المأخوذ منه حكما من أحكام صاحبه عمارة لبينهما وتتميما للشبه الجامع لهما كما قال ابن جني: فقد أخذ التشقق الباء من التفطر وأخذ هذا من رسيله معنى التفتح، وكلا الفعلين المضمن والمضمن فيه أو الآخذ والمأخوذ منه يشارك في رسم هول الرهبة تشمل الكون، وتأخذ بمجامع القلوب، انقلاب كوني كبير يشمل ما في السماء من كواكب ونجوم وأفلاك: (إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ)، والانفطار: الإنشاق طولا (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ)، والإنشاق يكون عرضاً، (يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ)، (يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ)، إلى آخر هذا الهول الرعيب... والذي يُنبئُ بنهايةِ مروعةِ من الانفجارات الكونية، تصوره الآيات واقعاً مشهودا يدعو إلى الدهشة في تناسقه العجيب، ونيراته الحادة.
وعلى الراتع في خمائل علم اللسان أن يتذوق من سَنا إعجازه.
فسرى خيالك طائفا أفنانه... يكفيك طيف ما يزالُ يعاودُ
* * *
قَالَ تَعَالَى: (فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ)
قال أبو حيان: أراد بالتقطيع والصلب: التمثيل، ولما كان الجذع مقرا للمصلوب، واشتمل عليه اشتمال الظرف على المظروف عُدّي بـ (في)،