سيديو (١)
"لا تجد في القرآن آية إلا توحي بمحبة شديدة لله.. وفيه حث كبير على الفضيلة خلا تلك القواعد الخاصة بالسلوك الخلقي.. وفيه دعوة كبيرة إلى تبادل العواطف وحسن المقاصد والصفح عن الشتائم، وفيه مقت للعجب والغضب، وفيه إشارة إلى ان الذنب قد يكون بالفكر والنظر، وفيه حض على الايفاء بالعهود حتى مع الكافرين، وتحريض على خفض الجناح والتواضع، وعلى استغفار الناس لمن يسيئون إليهم، لا لعنهم ويكفى جميع تلك الاقوال الجامعة المملوءة حكمة ورشداً لاثبات صفاء قواعد الاخلاق في القرآن.. إنه أبصر كلّ شئ.." (٢)
".. صلح القرآن ليكون نموذجاً للاسلوب وقواعد النحو.. فاوجب ذلك نشوء علم اللغة، فظهور علم البيان الذي درس فيه تركيب الكلام ومقتضى الحال والبديع واوجه البلاغة، واضحى لصناعة قراءة القرآن وتفسيره اكثر من مئة فرع، فادى هذا إلى مالا حصر له من التأليف في كل منها، واغتنت اللغة العربية بتعابير جديدة كثيرة بعيدة من الفساد بمخالطة اللغات الاخرى.." (٣)
"مما يجدر ذكره ان يكون القرآن، بين مختلف اللغات التي يتكلم بها مختلف الشعوب الاسلامية في آسيا حتى الهند، وفي افريقية حتى السودان، كتاباً يفهمه الجميع، وان يربط القرآن هذه الشعوب المتباينة الطبائع برابط اللغة والمشاعر.." (٤)
(١) لويس سيديو (١٨٠٨ - ١٨٧٦) l. Sedillot: مستشرق فرنسى عكف على نشر مؤلفات ابيه جان جاك سيديو الذي توفي عام ١٨٣٢ قبل ان تتاح له فرصة إخراج كافة اعماله في تاريخ العلوم الاسلامية. وقد عين لويس اميناً لمدرسة اللغات الشرقية (١٨٣١) وصنف كتاباً بعنوان (خلاصة تاريخ العرب) فضلاً عن (تاريخ العرب العام)، وكتب العديد من الابحاث والدراسات في المجلات المعروفة.
(٢) تاريخ العرب العام، ص ٨٩، ٩٨ - ٩٩، ١٠٠، ١١٧.
(٣) تاريخ العرب العام، ص ٨٩، ٩٨ - ٩٩.
(٤) نفسه، ص ٤٥٨.