بوكاي (١)
"لقد قمت اولاً بدراسة القرآن الكريم، وذلك دون اي فكر مسبق وبموضوعية تامة باحثاً عن درجة اتفاق نصّ القرآن ومعطيات العلم الحديث. وكيف اعرف، قبل هذه الدراسة، وعن طريق الترجمات، ان القرآن يذكر انواعاً كثيرة من الظاهرات الطبيعية ولكن معرفتي كانت وجيزة. وبفضل الدراسة الواعية للنصّ العربي استطعت ان احقق قائمة ادركت بعد الانتهاء منها ان القرآن لا يحتوى على اية مقولة قابلة للنقد من وجهة نظر العلم في العصر الحديث. وبنفس الموضوعية قمت بنفس الفحص على العهد القديم والاناجيل. اما بالنسبة للعهد القديم فلم تكن هناك حاجة للذهاب إلى ابعد من الكتاب الاول، اي سفر التكوين، فقد وجدت مقولات لا يمكن التوفيق بينها وبين اكثر معطيات العلم رسوخاً في عصرنا. واما بالنسبة للاناجيل... فاننا نجد نص انجيل متي يناقض بشكل جلي انجيل لوقا " وان هذا الاخير يقدم لنا صراحة امراً لا يتفق مع المعارف الحديثة الخاصة بقدم الإنسان على الارض." (٢)
"لقد اثارت الجوانب العلمية التي يختص بها القرآن دهشتى العميقة في البداية. فلم اكن اعتقد قط بامكان اكتشاف عدد كبير إلى هذا الحدّ من الدعاوى الخاصة بموضوعات شديدة التنوع ومطابقته تماماً للمعارف العلمية الحديثة، ذلك في نص كتب منذ اكثر من ثلاثة عشر قرناً. في البداية لم يكن لي اي ايمان بالاسلام. وقد طرقت دراسة هذه النصوص بروح متحررة من كل حكم مسبق وبموضوعية تامة.." (٣)
".. تناولت القرآن منتبها بشكل خاص إلى الوصف الذي يعطيه عن حشد كبير من الظاهرات الطبيعية. لقد اذهلتني دقة بعض التفاصيل الخاصة بهذه الظاهرات وهي تفاصيل لا يمكن ان تدرك الا في النص الاصلي. اذهلتني مطابقتها للمفاهيم التي نملكها اليوم عن نفس هذه الظاهرات والتي لم يكن ممكنا لاي انسان في عصر محمد ﷺ ان يكون عنها ادنى فكرة.." (٤)
".. كيف يمكن لانسان - كان في بداية امره اميّاً -.. ان يصرح بحقائق ذات طابع علمي لم يكن في مقدور اي انسان في ذلك العصر ان يكونها، وذلك دون ان يكشف تصريحه عن اقل خطأ من هذه الوجهة؟ " (٥)
(١) د. موريس بوكايMaurice رضي الله عنucaille: الطبيب والعالم الفرنسي المعروف. كان كتابه (القرآن الكريم والتوراة والانجيل والعلم) من اكثر المؤلفات التي عالجت موضوعاً كهذا، اصالة واستيعاباً وعمقاً. ويبدو ان عمله في هذا الكتاب القيم منحه قناعات مطلقة بصدق كتاب الله، وبالتالي صدق الدين الذي جاء به. دعي اكثر من مرة لحضور ملتقى الفكر الاسلامي الذي ينعقد في الجزائر صيف كل عام، وهناك اتيح له ان يطلع اكثر على الاسلام فكراً وحياةً.
(٢) القرآن الكريم والتوراة والانجيل والعلم، ص ١٣.
(٣) نفسه، ص ١٤٤
(٤) نفسه، ص ١٤٥.
(٥) نفسه، ص ١٥٠.