فقد قال: بعث النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سريَّةً فاستعمل عليها رجلاً من الأنصار، وأمرهم أن يطيعوه، فغضب، فقال: أليس أمركم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن تطيعوني؟ قالوا: بلى، قال: فاجمعوا لي حطباً، فجمعوا، فقال: أوقدوا ناراً، فأوقدوها، فقال: ادخلوها، فهمُّوا، وجعل بعضهم يمسك بعضاً، ويقولون: فررنا إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من النار، فما زالوا حتى خمدت النار، فسكن غضبه، فبلغ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: (لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة، الطاعة في المعروف).
قال أبو عمر ابن عبد البر: (وكان في عبد اللَّه بن حذافة دعابة معروفة ومن دعابته أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمَّره على سرية فأمرهم أن يجمعوا حطباً ويوقدوا ناراً فلما أوقدوها أمرهم بالتقحم فيها فأبوا فقال لهم: ألم يأمركم رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بطاعتي وقال من أطاع أميري فقد أطاعني، فقالوا: ما آمنا باللَّه واتبعنا رسوله إلا لننجو من النار، فصوّب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فعلهم وقال لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق قال الله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) وهو حديث صحيح الإسناد مشهور) اهـ.
وهذا الكلام من ابن عبد البر يدل على أنه يرى أن أمير السرية المذكور في حديث علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هو عبد الله بن حذافة المذكور في حديث ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لأن سياق الحديث الذي ذكره يوافق حديث علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تماماً.
وقد تبع ابنُ القيم ابنَ عبد البر على هذا فقال بعد سياقه لحديثي ابن عباس وعلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -: (وهذا هو عبد اللَّه بن حذافة السهمي).


الصفحة التالية
Icon