محمد بن أبي بكر، وكذلك كتب إلى عماله في أمهات المدن الإسلامية بجمع الحديث، وممن كتب إليه بذلك محمد بن شهاب الزهري ومن هذا الوقت أقبل العلماء على كتابة السنن وتدوينها، وشاع ذلك في الطبقة التي تلي طبقة الزهري، فكتب ابن جريج بمكة (١٥٠)، وابن إسحاق (١٥١) ومالك (١٧٩) بالمدينة، والربيع بن صبيح (١٦٠)، وسعيد بن أبي عروبة (١٥٦). وحماد بن سلمة (١٧٦) بالبصرة، وسفيان الثوري (١٦١) بالكوفة والأوزاعي (١٥٦) بالشام، وهشيم (١٨٨) بواسط، ومعمر (١٥٣) باليمن وجرير بن عبد الحميد (١٨٨)، وابن المبارك (١٨١) بخراسان.
وكان معظم هذه المصنفات والمجاميع يضم الحديث الشريف وفتاوى الصحابة والتابعين كما يتجلى لنا هذا في موطأ الامام مالك بن أنس.
رابعا: عهد تصنيف العلوم:
بعد المرحلة السابقة رأى بعضهم أن تفرد أحاديث النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في مؤلفات خاصة، فأُلفت المسانيد، وهي كتب تضم أحاديث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأسانيدها خالية من فتاوى الصحابة والتابعين تجمع فيها أحاديث كل صحابي، ولو كانت في مواضيع مختلفة تحت اسم مسند فلان ومسند فلان وهكذا، وأول من ألف المسانيد أبو داود سليمان بن داود الطيالسي (٢٠٤ هـ)، كما يعتبر مسند الإمام أحمد بن حنبل - وهو من أتباع أتباع التابعين أوفى تلك المسانيد وأوسعها -.
جمع هؤلاء الأئمة الحديث ودونوه بأسانيده، وذكروا طرقاً كثيرة لكل حديث يتمكن بها جهابذة هذا العلم، وصيارفته من معرفة الصحيح من الضعيف والقوي من المعلول.
ثم رأى بعض الأئمة أن يصنفوا في الحديث الصحيح فقط، وكان أول من صنف ذلك الإمام البخاري (٢٥٦ هـ) ثم الإمام مسلم (٢٦١ هـ).
ثم ظهرت الكتب الأربعة مرتبةً على الأبواب كسنن أبي داود السجستاني