وقال ابن العربي: (كان المسلمون سراعاً إلى القتال قبل أن يفرض القتال فلما أمر الله سبحانه بالقتال كاع عنه قوم ففيهم نزلت: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ) اهـ.
وقال ابن كثير: (كان المؤمنون في ابتداء الإسلام وهم بمكة مأمورين بالصلاة والزكاة وإن لم تكن ذات النصب وكانوا مأمورين بمواساة الفقراء منهم، وكانوا مأمورين بالصفح والعفو عن المشركين والصبر إلى حين وكانوا يتحرقون ويودون لو أُمروا بالقتال ليتشفوا من أعدائهم ولم يكن الحال إذ ذاك مناسباً لأسباب كثيرة فلم يؤمروا بالجهاد إلا بالمدينة لما صارت لهم دار ومنعة وأنصار، ومع هذا لما أمروا بما كانوا يودونه جزع بعضهم منه وخافوا من مواجهة الناس خوفاً شديدًا وقالوا: (رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ) أي لولا أخرت فرضه إلى مدة أخرى فإن فيه سفك الدماء ويتم الأولاد وتأيم النساء) اهـ بتصرف.
* النتيجة:
أن سبب نزول الآية الكريمة هو حديث ابن عبَّاسٍ المتقدم لصحة سنده وصراحته في السببية، وكذا موافقته للفظ الآية الكريمة واحتجاج المفسرين به واللَّه أعلم.
* تنبيه:
استشكل بعض المفسرين وقوع هذا الفعل من كبار الصحابة وذهبوا لأجل هذا إلى تأويلات بعيدة.
وعندي أنه لا إشكال إذ لا دليل في الآية يدل على أن جميع الصحابة وقع منهم هذا بل الآية نصٌّ على أن الذي قال هذا فريق منهم بقوله: (إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ... )
ثم إن عبد الرحمن بن عوف وأصحابه من كبار الصحابة كانوا من أوائل المجاهدين في غزوة بدر وغيرها كما هو بيّن معلوم في قصة قتل أبي جهل والله أعلم.