فاجتوينا المدينة. فقالوا: أما لكم في رسول الله أُسوة؟ فقال بعضهم: نافقوا، وقال بعضهم: لم ينافقوا، هم مسلمون فأنزل الله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا).
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية الكريمة وقد أورد جمهور المفسرين هذين السببين وأوردوا مع ذلك غيرهما من الأسباب التي سيقت لنزول الآية الكريمة ومن هذه الأسباب ما قال مجاهد - رحمه الله -: (نزلت في قوم خرجوا من أهل مكة حتى أتوا المدينة يزعمون أنهم مهاجرون فارتدوا واستأذنوا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الرجوع إلى مكة ليأتوا ببضائع، فاختلف فيهم المؤمنون، ففرقة تقول إنهم منافقون وفرقة تقول هم مؤمنون فبين الله - عَزَّ وَجَلَّ - نفاقهم) اهـ.
وقال الضحاك: (هم ناس تخلفوا عن نبي اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأقاموا بمكة وأعلنوا الإيمان ولم يهاجروا فاختلف فيهم أصحاب رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فتولاهم ناس من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وتبرأ من ولايتهم آخرون، وقالوا: تخلفوا عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يهاجروا فسماهم الله منافقين، وبرأ المؤمنين من ولايتهم وأمرهم أن لا يتولوهم حتى يهاجروا) اهـ.
هذا خلاصة ما ذُكر في الآية الكريمة من أسباب، ولا بد فيها من تأملٍ ونظر والبداية بحديث زيد بن ثابت - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فإن الحديث نصٌّ في أن القصة كانت في غزوة أحد وأنها كانت بسبب رجوع رأس المنافقين بثلث الجيش، وإذا نظرتَ إلى مطابقة هذه القصة للآية التي معنا والتي قيل إنها نزلت بسببها