قال الطبري: (يقول تعالى ذكره لهؤلاء الذين يتعرون عند طوافهم ببيته الحرام ويبدون عوراتهم هنالك من مشركي العرب، والمحرِّمين منهم أكل ما لم يحرمه الله عليهم من حلال رزقه تبرّراً عند نفسه لربه (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ) من الكساء واللباس) اهـ.
ويقول البغوي: (قال أهل التفسير: كانت بنو عامر يطوفون بالبيت عراة فأنزل الله - عزَّ وجلَّ -: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) يعني الثياب) اهـ.
قال ابن العربي: (قيل: إنها نزلت في الذين كانوا يطوفون بالبيت عراة، أُمروا باللباس وستر العورة، قاله ابن عبَّاسٍ وجماعة معه. ثم ساق حديث ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) اهـ.
قال القرطبي: (يَا بَنِي آدَمَ) هو خطاب لجميع العالم، وإن كان المقصود بها من كان يطوف من العرب بالبيت عرياناً... ثم ساق حديث ابن عبَّاسٍ) اهـ.
قال ابن كثير: (هذه الآية الكريمة رد على المشركين فيما كانوا يعتمدونه من الطواف بالبيت عراةً ثم ساق الخديث إلى أن قال: وهكذا قال مجاهد وعطاء وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير وقتادة والسدي والضحاك ومالك عن الزهري وغير واحد من أئمة السلف في تفسيرها أنها نزلت في طواف المشركين بالبيت عراة) اهـ.
وقال ابن عاشور: (فالمقصد من قوله: (خُذُوا زِينَتَكُمْ) إبطال ما زعمه المشركون من لزوم التعري في الحج في أحوال خاصة وعند مساجد معينة ثم ساق سبب النزول) اهـ.
وقد ذكر ابن العربي سبب فعل الجاهلية ذلك فقال: (إن قريشاً كانت رأت رأياً تكيد به العرب، فقالوا: يا معشر قريش لا تعظموا شيئاً من البلدان لتعظيم حرمكم، فتزهد العرب في حرمكم إذا رأوكم قد عظمتم من البلدان غيره كتعظيمه، فعظموا أمركم في العرب فإنكم ولاة البيت وأهله دون الناس، فوضعوا لذلك الأمر أن قالوا: نحن أهل الحرم فلا ينبغي لنا أن نعظم غيره، ولا نخرج منه، فكانوا يقفون بالمزدلفة دون عرفة لأنها خارج من الحرم، وكانت سنة إبراهيم وعهداً من عهده، ثم قالوا لا ينبغي لأحد من العرب أن يطوف إلا في ثيابنا، ولا يأكل إذا دخل أرضنا إلا من طعامنا، ولا يأكل الأقط