وقال القرطبي: (سبب النزول يعضد قول الجمهور نزلت في رجل من الأنصار) اهـ.
والناظر في سورة هود يجد أنها مكية، وأما القصة فإنها مدنية فهل تكون سبباً لنزول الآية الكريمة؟
ابن العربي في شرح الترمذي: (قال: السابعة: اتفقوا على قوله: فأنزل الله أقم الصلاة) اهـ.
ولا أدري ما يعني بهذا الاتفاق.
وقال ابن عطية: (وروي أن الآية كانت نزلت قبل ذلك واستعملها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ذلك الرجل) اهـ.
وقال ابن عاشور: (والظاهر أن المروي في هذه الآية هو الذي حمل ابن عباس وقتادة على القول بأن هذه الآية مدنية دون بقية هذه السورة لأنه وقع عند البخاري والترمذي قوله: (فأنزلت عليه) فإن كان كذلك كما ذكره الراوي فهذه الآية أُلحقت بهذه السورة في هذا المكان لمناسبة وقوع قوله: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ) قبلها وقوله: (وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)، بعدها.
وأما الذين رجحوا أن السورة كلها مكية فقالوا: إن الآية نزلت في الأمر بإقامة الصلوات، وإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخبر بها الذي سأله عن القبلة الحرام وقد جاء تائباً ليعلمه بقوله: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) فيؤوّل قول الراوي: فأنزلت عليه، أنه أُنزل عليه شمول عموم الحسنات والسيئات لقضية السائل، ولجميع ما يماثلها من إصابة الذنوب غير الفواحش.
ويؤيد ذلك ما في رواية الترمذي عن علقمة والأسود عن ابن مسعود قوله: فتلا عليه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ) ولم يقولا: فأنزل عليه) اهـ.
والظاهر - والله أعلم - أنه ليس الإشكال في السورة هل هي مدنية أو مكية لأنه من الممكن أن تكون السورة مكية في أكثرها وبعضها مدني، والعكس صحيح لكن الإشكال في قوله: (فَأَنزَلَ اللَّهُ) أو قوله: (فتلا عليه) وما ذكره ابن عاشور هنا يحتمل الأمرين.