وتركنا. فأنزل الله: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ) ولا تجالس الأشراف (تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا) يعني عيينة والأقرع (وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) (قال: هلاكاً) قال: أمر عيينة والأقرع ثم ضرب لهم مثل الرجلين ومثل الحياة الدنيا.
قال خباب: فكنا نقعد مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فإذا بلغنا الساعة التي يقوم فيها قمنا وتركناه حتى يقوم.
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية الكريمة، وقد ذهب جمهور المفسرين إلى المعنى الذي دلَّ عليه الحديث، على اختلاف بينهم وتفاوت في الأحاديث التي ذكروها. منهم الطبري والبغوي وابن عطية والقرطبي وابن كثير والشنقيطي وابن عاشور.
قال الطبري: (يقول تعالى ذكره لنبيه محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لا تعد عيناك عن هؤلاء المؤمنين الذين يدعون ربهم إلى أشراف المشركين، تبغي بمجالستهم الشرف والفخر، وذلك أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أتاه فيما ذكر قوم من عظماء أهل الشرك، وقال بعضهم: بل من عظماء قبائل العرب ممن لا بصيرة لهم بالإسلام فرأوه جالساً مع خباب وصهيب وبلال، فسألوه أن يقيمهم عنه إذا حضروا قالوا: فهمَّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأنزل اللَّه عليه: (وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) ثم كان يقوم إذا أراد القيام، ويتركهم قعوداً فأنزل اللَّه عليه: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ) اهـ موضع الشاهد.