أن هذا سبب نزولها كالطبري والبغوي وابن عطية والقرطبي وابن كثير والسعدي والشنقيطي وابن عاشور.
قال الطبري: (يقول تعالى ذكره لنبيه محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أفرأيت يا محمد الذي كفر بحججنا فلم يصدق بها، وأنكر وعيدنا من أهل الكفر وقال وهو باللَّه كافر وبرسوله لأوتينَّ في الآخرة مالاً وولدًا، وذكر أن هذه الآيات أُنزلت في العاص بن وائل السهمي) اهـ ثم ساق الروايات في ذلك.
وقال ابن عطية: (الذي كفر يعني به العاصي بن وائل السهمي قاله جمهور المفسرين) اهـ.
وقال السعدي: (أفلا تعجب من حال هذا الكافر، الذي جمع بين كفره بآيات الله، ودعواه الكبيرة، أنه سيؤتى في الآخرة مالا وولدًا أي: يكون من أهل الجنة وهذا من أعجب الأمور فلو كان مؤمناً باللَّه وادعى هذه الدعوى لسهل الأمر.
وهذه الآية وإن كانت نازلةً في كافر معين فإنها تشمل كل كافر زعم أنه على الحق وأنه من أهل الجنة.
قال اللَّه توبيخاً له وتكذيبًا (أَطَّلَعَ الْغَيْبَ) أي أحاط علمه بالغيب حتى علم ما يكون وأن من جملة ما يكون أنه يؤتى يوم القيامة مالاً وولداً؟.
(أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا) أنه نائل ما قاله، أي: لم يكن شيء من ذلك فعلم أنه متقول، قائل ما لا علم له به، وهذا التقسيم والترديد في غاية ما يكون من الإلزام وإقامة الحجة، فإن الذي يزعم أنه حاصل له خير عند اللَّه في الآخرة لا يخلو:
إما أن يكون قوله صادراً عن علم بالغيوب المستقبلة، وقد علم أن هذا للَّه وحده فلا أحد يعلم شيئًا من المستقبلات الغيبية إلا من أطلعه الله عليه من رسله.