* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول الآية الكريمة. وقد اختلفت أنظار المفسرين في الحديث.
فمنهم من ذهب إلى أنه سبب نزولها كالقرطبي والشنقيطي.
قال القرطبي بعد أن ذكر الأقوال: (والقول الأول أصح) اهـ يعني حديث أبي ذر وعلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.
وقال الشنقيطي: (نزل في المبارزين يوم بدر) اهـ.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الآية تتناول المؤمنين والكافرين عموماً وإن كانت صورة السبب تدخل في العموم دخولاً أوليًا، واختار هذا الطبري وابن كثير وابن عاشور.
قال الطبري بعد ذكر الأقوال: (وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب وأشبهها بتأويل الآية قول من قال: عنى بالخصمين جميع الكفار من أيّ أصناف الكفر كانوا وجميع المؤمنين وإنما قلت ذلك أولى بالصواب لأنه تعالى ذكره، ذكر قبل ذلك صنفين من خلقه: أحدهما أهل طاعة له بالسجود له، والآخر: أهل معصية له قد حق عليه العذاب. فذكر كلامًا حتى قال:
فإن قال قائل: فما أنت قائل فيما روي عن أبي ذر في قوله: (إن ذلك نزل في الذين بارزوا يوم بدر؟) قيل: ذلك إن شاء اللَّه كما روي عنه، ولكن الآية قد تنزل بسبب من الأسباب، ثم تكون عامة في كل ما كان نظير ذلك السبب، وهذه من تلك) اهـ.
وقال ابن كثير: (وقول مجاهد وعطاء أن المراد بهذه الكافرون والمؤمنون يشمل الأقوال كلها وينتظم فيه قصة يوم بدر وغيرها، فإن المؤمنين يريدون نصرة دين اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - والكافرون يريدون إطفاء نور الإيمان وخذلان الحق وظهور الباطل وهذا اختيار ابن جرير وهو حسن) اهـ.
وقال ابن عاشور: (فالمراد من هذه الآية ما يعم جميع المؤمنين، وجميع مخالفيهم في الدين. ثم ذكر حديث أبي ذر فقال: والأظهر أن أبا ذر عنى


الصفحة التالية
Icon