الإسلام، هذا يقتضي أن آية اللعان نزلت بسبب هلال بن أُمية، وكذلك ذكره البخاري، وهو مخالف لما تقدم: أنها نزلت بسبب عويمر العجلاني. وهذا يحتمل أن تكون القضيتان متقاربتي الزمان فنزلت بسببهما معاً. ويحتمل أن تكون الآية أُنزلت على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرتين. أي كرر نزولها عليه - وهذه الاحتمالات - وإن بعدت - فهي أولى من أن يطرَّق الوهم للرواة الأئمة الحفاظ) اهـ باختصار يسير.
وقال النووي: (واختلف العلماء في نزول آية اللعات هل هو بسبب عويمر العجلاني أم بسبب هلال بن أمية فقال بعضهم. بسبب عويمر العجلاني واستدل بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك، وقال جمهور العلماء: سبب نزولها قصة هلال بن أُمية واستدلوا بالحديث الذي ذكره مسلم في قصة هلال قال وكان أول رجل لاعن في الإسلام، قال الماوردي من أصحابنا في كتابه الحاوي: قال الأكثرون قصة هلال بن أمية أسبق من قصة العجلاني قال والنقل فيهما مشتبه ومختلف وقال ابن الصباغ من أصحابنا في كتابه الشامل: قصة هلال تبين أن الآية نزلت فيه أولاً قال وأما قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعويمر إن اللَّه قد أنزل فيك وفي صاحبتك فمعناه ما نزل في قصة هلال لأن ذلك حكم عام لجميع الناس.
قلت: ويحتمل أنها نزلت فيهما جميعاً فلعلهما سألا في وقتين متقاربين فنزلت الآية فيهما وسبق هلال باللعان فيصدق أنها نزلت في ذا وفي ذاك وأن هلالاً أول من لاعنَ واللَّه أعلم) اهـ
وقد تكرر كلام ابن حجر في عدة مواضع فقال مرة: (ولا مانع أن تتعدد القصص ويتحد النزول).
وقال أيضاً: (ويحتمل أن النزول سبق بسب هلال، فلما جاء عويمر ولم يكن علم بما وقع لهلال أعلمه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالحكم، ولهذا قال في قصة هلال (فنزل جبريل) وفي قصة عويمر (قد أنزل اللَّه فيك) فيؤول قوله قد أنزل اللَّه فيك أي وفيمن كان مثلك).