القاذف فيها عويمر العجلاني وأن المقذوف فيها شريك ابن سحماء العجلاني وأنه لم يقع معها قضية أخرى، وتفصيل ذلك في موضعه من الحاشية.
ولعل مناقشة الأقوال الأربعة تكشف المزيد من الأدلة لهذه النتيجة.
وسأبدأ بالقول الرابع: وهو أن الآية أُنزلت على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرتين.
وهذا القول ضعيف إذ قد تبين مما تقدم أن القصة واحدة فلماذا تنزل الآية مرتين، وإذا كان قائله قد جعله احتمالاً بعيداً ألجأه إليه الخوف من توهيم الرواة فكيف يقبله غيره؟.
أما القول الثالث: وهو أن تكون القصتان وقعتا في وقت واحد أو متقارب فسألا فنزلت الآية فيهما، واحتجاجهم باختلاف السياقين.
فالجواب: أنه قد تقرر أن القصة واحدة لم تتكرر، واختلاف السياقين ليس دليلاً على اختلاف القصة. وإذا كان قد وقع من الرواة خطأً إقحامُ هلال وزوجه في قضية ليس لهما فيها ناقة ولا جمل مع عِظَم ذلك فوقوع الأقل من باب أولى.
أما القول الثاني: وهو أن الآية نزلت بسبب هلال بن أمية فالجواب عن أدلتهم بما يلي:
١ - حديث ابن عبَّاسٍ عند البخاري، وأنس عند مسلم قد تقدم جوابه.
٢ - أن المقذوف في قصة هلال قد سمي بخلاف قصة عويمر فهذا حق، لكن المقذوف في قصة عويمر قد وُصِف وصفاً يعرف به بعينه، وربما كان الوصف أبلغ؛ لأن الاشتراك في الأسماء أكثر من الاشتراك في الأوصاف، ولهذا لما اشتركا في الأوصاف قلنا هي لرجل واحد.
٣ - أن قول أنس: (وكان أول رجل لاعنَ في الإسلام) لا حجة فيه لأنه مقابل بغيره وذلك في حديث ابن عمر: (إن أول من سأل عن ذلك فلان بن فلان) وجاء في حديثه (فرق رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين أخوي بني العجلان) وهو ما يصدق على عويمر دون هلال لأنه واقفي وليس عجلانياً.
٤ - أنه جاء في قصة هلال: (فنزل جبريل) وهذا لا حجة فيه لأنه مقابلٌ بمثله وأكثر منه ومن ذلك: (قد أنزل اللَّه فيك وفي صاحبتك) وفيه (قد أنزل اللَّه فيكم قرآناً) وفي حديث ابن عمر: (فأنزل الله - عَزَّ وَجَلَّ - هؤلاء الآيات في