قال الطبري: (وذكر أن هذه الآية نزلت على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسبب سعد بن أبي وقاص) اهـ.
قال ابن عطية: (روي عن قتادة وغيره أنها نزلت في شأن سعد بن أبي وقاص وذلك أنه هاجر فحلفت أمه أن لا تستظل بظل حتى يرجع إليها ويكفر بمحمد فلج هو في هجرته ونزلت الآية) اهـ.
وقال القرطبي: (نزلت في سعد بن أبي وقاص) اهـ.
أما قوله تعالى: (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) فليست في سياق الآية التي معنا بل هي في سورة لقمان. فهل نزلت في ذلك الآيتان؟
البغوي قال: (نزلت هذه الآية والتي في سورة لقمان والأحزاب في سعد بن أبي وقاص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لما أسلم وكان من السابقين الأولين وكان باراً بأُمِّه) اهـ.
ولا أدري ما يعني بالتي نزلت في سورة الأحزاب؟ فسورة الأحزاب ليس فيها شيء من هذا.
والظاهر - والله أعلم - أن ذكر قوله تعالى: (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) لا يصح لأمور:
١ - أن الترمذي الذي روى الحديث مع مسلم لم يذكرها، واقتصر على آية العنكبوت.
٢ - أن سياق آيات العنكبوت السابقة واللاحقة تتحدث عن الابتلاء والفتنة. ففي السابقة يقول اللَّه: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (٣).
وفي اللاحقة يقول الله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ.. ).
وهذا يتفق مع قصة سعد بن أبي وقاص لأن فعل أمه نوع من الابتلاء والامتحان لإيمانه لأنه كان باراً بها محبًا لها، أما آية لقمان فليس في سياقها مثل هذا.


الصفحة التالية
Icon