والظاهر - واللَّه أعلم - أن الحديث الذي معنا لا يصح أن يكون سبباً للنزول لأمور:
١ - أن إسناده ضعيف، ومضطرب فلا ينهض للاحتجاج به على السببية.
٢ - أن سورة الروم مكية بكاملها.
قال ابن عطية: (هذه السورة مكية ولا خلاف أحفظه في ذلك) اهـ.
وقال ابن عاشور: (وهي مكية كلها بالاتفاق، حكاه ابن عطية والقرطبي، ولم يذكرها صاحب الإتقان في السور المختلف في مكيتها ولا في بعض آيها) اهـ.
وإذا كانت مكية بالكامل، فكيف تنزل في يوم بدر كما يدل هذا الحديث؟
٣ - أن سياق القرآن يأبى ذلك. وجه ذلك: أن الحديث نص على أن ظهور الروم على فارس كان في يوم بدر فنزلت هذه الآية.
فإذا كان الأمر كذلك فكيف يبشر اللَّه المؤمنين بانتصار الروم على الفرس في بضع سنين، والنصر قد تم للروم في يوم بدر - حسبما يدل عليه الحديث -.
٤ - أني لم أجد في أقوال المفسرين من اعتمد الحديث الذي معنا سبباً للنزول بل أقوالهم تدل على خلافه.
فابن كثير يقول: إن الآيات نزلت حين غلب ملك الفرس على بلاد الشام.
وابن عاشور يذكر: أن السورة نزلت عندما غلب الفرسُ الرومَ.
وكلام البغوي وابن عطية يدل على هذا وهو أن القضية وقعت قبل الهجرة ونزل فيها القرآن حينذاك.
٥ - أن الطبري ذكر جملة من الآثار عن السلف كابن مسعود وابن عبَّاسٍ وعكرمة وغيرهم تعارض ما دلّ عليه حديث أبي سعيد من نزولها ببدر والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon