قال الطبري: (وقيل إن هذه الآية نزلت في قوم لم يشهدوا بدراً، فعاهدوا الله أن يفوا قتالاً للمشركين مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فمنهم من أوفى فقضى نحبه ومنهم من بدل، ومنهم من أوفى ولم يقض نحبه وكان منتظراً على ما وصفهم الله به من صفاتهم في هذه الآية) اهـ.
وقال ابن عطية: (فممن سمى المفسرون أنه أشير إليه بذلك أنس بن النضر عم أنس بن مالك وذلك أنه غاب عن بدر فساءه ذلك... ثم ذكر الحديث) اهـ.
وقال ابن عاشور: (فإن كانت هذه الآية نزلت مع بقية آي السورة بعد غزوة الخندق فهي تذكير بما حصل من المؤمنين من قبل، وإن كانت نزلت يوم أحد فموضعها في هذه السورة إنما هو بتوقيف من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فهو تنبيه على المعنى الذي ذكرناه على تقدير: أنها نزلت مع سورة الأحزاب. وأيّاً ما كان وقت نزول الآية فإن المراد منها رجال من المؤمنين ثبتوا في وجه العدو يوم أحد وهم عثمان بن عفان وأنس بن النضر وطلحة بن عبيد اللَّه وحمزة وسعيد بن زيد ومصعب بن عمير، فأما أنس بن النضر وحمزة ومصعب بن عمير فقد استشهدوا يوم أحد وأما طلحة فقد قطعت يده يومئذٍ وهو يدافع عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأما بقيتهم فقد قاتلوا ونجوا) اهـ.
والظاهر - والله أعلم - أن الآية نزلت بعد أحد وليس بعد الخندق لأنه إن كان المراد بها الذين استشهدوا وأبلوا بلاءً حسناً في أحد كما هو الواقع فلماذا يتأخر الثناء عليهم إلى ما بعد الخندق؟ هذا بعيد.
وبناءً على ما تقدم فإن الراجح من قول ابن عاشور أنها نزلت يوم أحد ووضعت هنا بتوقيف من رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وإذا عدنا إلى سبب النزول خصوصًا إلى قول أنس بن النضر (لئن رأيت قتالاً ليرين الله ما أصنع). وجدنا هذا مطابقاً تماماً لقوله تعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ... ) الآية.
ولا يعكر على هذا ما في لفظ البخاري: كنا نرى أو نظن أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه. فقد ذكر ابن حجر أن التردد فيه من حميد وأن الجزم