(إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ) ما حسن أن يقول: (مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا).
ثم إن سورة الزخرف مكية، وآل عمران مدنية، فكيف يُفسر المثل المذكور في سورة الزخرف مع تقدم نزولها، بالمثل المذكور في سورة آل عمران مع تأخر نزولها؟
وإذا تحققنا ضعف القول الثاني الذي اختاره الطبري، فلننظر في موافقة القول الأول لسبب النزول.
وأقول: إن سياق السبب الذي معنا لا يخالف ما ذكره المفسرون وخصوصًا الشنقيطي ففي سياق الحديث أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (يا معشر قريش إنه ليس أحد يعبد من دون الله فيه خير) هذا يتفق مع قوله تعالى: (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ) لأنه لو كان فيهم خير ما كانوا حصب جهنم.
وقوله في الحديث: فقالوا يا محمد ألست تزعم أن عيسى كان نبيًا وعبدًا من عباد الله صالحًا، لا يمنع أن يكون القائل بحسب قول المفسرين ابنَ الزِبعرى.
قال الشنقيطي: (ووجه التعبير بصيغة الجمع في قوله: (مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا) مع أن ضارب المثل واحد وهو ابن الزبعرى يرجع إلى أمرين:
أحدهما: أن من أساليب اللغة العربية إسناد فعل الرجل الواحد من القبيلة إلى جميع القبيلة.
والأمر الثاني: أن جميع كفار قريش، صوبوا ضرب ابن الزبعرى عيسى مثلاً وفرحوا بذلك ووافقوه عليه، فصاروا كالمتمالئين عليه) اهـ بتصرف.
وبهذا يتبين موافقة الحديث لسياق القرآن، ودلالته على نزولها واللَّه أعلم.
* النتيجة:
أن الحديث الذي معنا وإن كان موقوفًا على ابن عبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - إلا أنه سبب نزول الآية لموافقته لسياق القرآن وتصريحه بالنزول واتفاق أكثر المفسرين على معناه واللَّه أعلم.