ب - أن الأخبار وردت عن جماعة من الصحابة أنه ابن سلام وعلى هذا جمهور أهل التأويل وهم أعلم بمعاني القرآن، والسبب الذي فيه نزل، وما أُرلد به.
الثاني: أن الشاهد غير معين بل هو اسم جنس يتناول أيَّ شاهد فقد يكون عبد اللَّه بن سلام، وقد يكون رجلاً من بني إسرائيل كان بمكة، وقد يكون الكتب المتقدمة المنزلة على الأنبياء قبله بشرت به، وأخبرت بمثل ما أخبر القرآن به.
والحجة في ذلك:
أ - أن الآية مكية، وإسلام ابن سلام كان بعد الهجرة إلى المدينة.
ب - أن سياق الآيات خطاباً وتوبيخاً موجه إلى مشركي قريش، ولم يجر لأهل الكتاب ولا لليهود ذكر قبل ذلك.
الثالث: يجوز أن يكون هذا إخباراً من الله لرسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بما سيقع من إيمان عبد الله بن سلام فيكون هو المراد بالشاهد وإن كانت الآية مكية فقد تضمنت غيباً أبرزه الوجود.
والظاهر - والله أعلم - أن الآية لم تنزل بسبب عبد الله بن سلام لما يلي:
١ - أن الآية مكية نزلت قبل أن يسلم ابن سلام بزمن فكيف تنزل فيه وهو لا يعرف النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد، كما أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يعرفه بعد بدليل أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما قدم المدينة وأقبل إليه ابن سلام التمس من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يسأل اليهود عنه، ولو كان يعرفه قبل ذلك لما سأله ذلك.
٢ - أنه قد تقدم في السبب رقم (١) قصة عبد الله بن سلام - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في نزول قوله: (قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ) والقصة هناك شبيهة بالقصة هنا ولم يذكر فيها نزول هذه الآية: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ).
٣ - أن سياق الآيات قبل الآية وبعدها في المشركين، ولم يرد ذكر اليهود أو أهل الكتاب في قليل أو كثير من هذه السورة باستثناء الآية التي معنا وفيها ذكر بني إسرائيل.
وأما حجة من ذهب إلى أنها في ابن سلام نزلت واستدلوا بالتصريح