الرضوان (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ) يعني أن الله كف أيدي المشركين الذين كانوا خرجوا على عسكر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالحديبية يلتمسون غِرتهم ليصيبوا منهم فبعث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأُتي بهم أسرى فخلى عنهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومنَّ عليهم ولم يقتلهم) اهـ.
وقال السعدي: (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ) أي أهل مكة (عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ) أي: من بعد ما قدرتم عليهم، وصاروا تحت ولايتكم بلا عقد ولا عهد، وهم نحو ثمانين رجلاً، انحدروا على المسلمين ليصيبوا منهم غِرة فوجدوا المسلمين منتبهين فأمسكوهم فتركوهم ولم يقتلوهم رحمة من الله بالمؤمنين إذ لم يقتلوهم) اهـ.
وقال ابن عاشور: (اتفق المفسرون الأولون على أن هذا الكف وقع في الحديبية). اهـ. وأما الجواب عن حديث المسور بن مخرمة ومروان في نزول الآية في قصة أبي جندل وأبي بصير فقد قال ابن حجر مجيباً عن هذا الإشكال: (قوله: فأنزل الله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ) كذا هنا، وظاهره أنها نزلت في شأن أبي بصير، وفيه نظر، والمشهور في سبب نزولها ما أخرجه مسلم من حديث سلمة بن الأكوع ومن حديث أنس بن مالك أيضاً، وأخرجه أحمد والنَّسَائِي من حديث عبد الله بن مغفل بإسناد صحيح أنها نزلت بسبب القوم الذي أرادوا من قريش أن يأخذوا من المسلمين غِرة فظفروا بهم، فعفا عنهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فنزلت الآية) اهـ.
* النتيجة:
أن الأحاديث المذكورة معنا باستثناء حديث المسور ومروان سبب نزول الآية الكريمة لصحة أسانيدها وصراحة ألفاظها وموافقتها لسياق القرآن واحتجاج المفسرين بها.
أما حديث المسور ومروان فلئن كان سنده صحيحاً ولفظه صريحاً فإنه لا يوافق سياق القرآن ولم يحتفِ به المفسرون واللَّه أعلم.