قطع النخيل والأشجار وزعموا أن ذلك من الفساد وتوصلوا بذلك إلى الطعن بالمسلمين أخبر تعالى أن قطع النخيل إن قطعوه أو إبقاءهم إياه إن أبقوه فبإذن الله وأمره (وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ) حيث سلطكم على قطع نخلهم وتحريقها ليكون ذلك نكالاً لهم وخزيًا في الدنيا، وذلاً يعرف به عجزهم التام الذي ما قدروا على استنقاذ نخلهم الذي هو مادة قوتهم) اهـ.
وقال أبو العباس القرطبي: (ولا شك في أن هذه الآية نزلت فيما عاب المشركون على رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من قطع نخيل بني النضير فبين فيها أن الله تعالى أباحه لنبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خزيًا للمشركين، ونكايةً لهم، والآية نص في تعليل ذلك) اهـ.
وعندي - والله أعلم - أن حديث ابن عبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أصرح وأكثر تفصيلاً وأليق بالنزول من حديث ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -؛ لأن حديث ابن عمر مجمل ليس فيه تفصيل ولا يتضمن حدثاً أو إشكالاً لتجيب عليه الآية، إذ من الممكن أن تكون الآية تقص ما حدث بغض النظر عن علاجه كما هو كثير في القرآن.
بخلاف حديث ابن عبَّاسٍ لأن فيه أن القطع قد حكَّ في صدورهم ثم سألوا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثم أنزل الله تعالى الآية.
لكن هذا الحديث يعكر عليه أن إسناده ليس كسابقه لأن الصواب فيه الإرسال.
وأقوال المفسرين في هذا مختلفة فأكثرهم كما تقدم يرون أن الإنكار على التقطيع والتحريق إنما جاء من بني النضير.
وبعض المفسرين يرون أن الإشكال والاختلاف نشأ من الصحابة أنفسهم - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كما دلّ على ذلك حديث ابن عبَّاسٍ.
وما ذكره البغوي يجمع بين القولين لأنه ذكر أن الإنكار ابتداءً كان من بني النضير ونتيجة ذلك وجد المسلمون في أنفسهم من ذلك شيئًا فاختلفوا في القطع.
وعلى كل حال فإننا لو نحيّنا الأسباب جانباً لما كان لهذا أثر على