سمعت من يقول: هما يتساولان؛ فهمزة " سائل " بدل عن الواو، كهمزة " كأين ". وعلى الوجهين يتعدى إلى المفعولين بنفسه، وتعديته بالباء؛ لتضمين معنى الاستعجال. أو من سال يسيل، أجوف يائي، كباع يبيع. والمعنى: سال سائل أي جرى وادٍ ذو سيل بعذاب واقع. ويؤيده قراءة ابن عباس - رضي الله عنهما - سال سيل.
(لِلْكَافِرِينَ... (٢) صفة (عذَابٍ وَاقِعٍ) أي: كائن، أو يتعلق بالفعل أي: سال للكافرين، أو بـ " واقع " أي: نازل لأجلهم. وعن قتادة: سأل سائل على من ينزل عذاب اللَّه؟. فعلى هذا قوله: " للكافرين " جواب لذاك السائل. والباء؛ لتضمن سأل معنى اهتمّ. (لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ) (مِنَ اللَّهِ... (٣) جملة مؤكدة على قول قتادة، صفة أخرى لعذاب على الأول. وعلى الوجهين: (مِنَ اللَّهِ) إمّا متعلق بـ " واقع " أي: من جهته، أو بـ " دافع " أي: لأمته ولا من غيره. (ذِي الْمَعَارِجِ) ذي المصاعد. جمع معراج، أو مَعْرِج يصعد فيها الأعمال الصالحة، أو المؤمنون في سلوكهم، أو دار ثوابهم.
(تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (٤) بيان وتفصيل لتلك المعارج؛ إظهار لعز شأنه وملكوته. والروح: جبرائيل، وإفراده؛ لمزيته، وقيل: خلق آخر موكَّلون بالملائكة كالملائكة بنا. واليوم: يوم القيامة، وصف بغاية الطول إما كناية عن شدته، أو حقيقة على ما قيل: إن فيه خمسين موطناً يقف الخلق في كل موطن ألف سنة. ويؤيد الأول ما رواه الإمام أحمد بن حنبل، عن أبي سعيد، أنه قيل لرسول اللَّه - ﷺ -: " ما أطول هذا اليوم؟ قال: " والذي نفسي ييده إنه ليخف على المؤمن حتى يكون أخفّ عليه من