إيمانهم، والرضاء بكفر العدو مع اسقباحه قصداً إلى زيادة عذابه لا غرو فيه. ألا يُرى قول موسى: (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ). وقيل: أراد في ترويح مكرهم، أو الضياع، والهلاك. كقوله: (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ).
(مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ... (٢٥) أي: لأجل خطيئاتهم. و " ما " مزيدة للتوكيد. (أُغْرِقُوا) بالطوفان، وقرأ أبو عمرو: خطاياهم، وهذا أحسن؛ لأنه جمع الكثرة، والأولى تحتاج إلى التأويل. (فَأُدْخِلُوا نَارًا) أي: تعقب الغرق دخول النار من غير تراخ. والمراد: عذاب القبر؛ لأنها روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النيران. والتنكير؛ للتعظيم أو النوع (فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ) دون عذابه (أَنْصَارًا) كما كانوا يزعمون النصر من الآلهة.
(وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (٢٦) " دياراً " من الألفاظ المستعملة في النفي العام. يقال: " ما في الدار ديار " أي: أحد من الدور، أو من الدار. فيعال قلبت واوه ياء، وأدغمت الأولى، ولو كان فعالاً لكان دوّارا.
(إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (٢٧) قال ذلك بعد ما أوحى اللَّه تعالى إليه (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ)، وأيضاً جربهم ألف سنة إلا