المساجد، فالجمع للتعظيم. وقيل: أعضاء السجود وهي سبعة: الرجلان، والركبتان، واليدان، والجبهة، والأنف. وهذا أوجه؛ لأن فيه تذكيراً لكونه المنعم بها، وأن الحكمة في خلقها خدمة المعبود، والتعبير بالمساجد للَّه؛ إشارة إلى ما خلقت له،
(وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (١٩) أي: لما سمع الجن تلاوة رسول اللَّه - ﷺ - بنخلة، كاد أن يدخل بعضهم في بعض من الازدحام عليه؛ حرصاً على السماع منه كلّ شيء. ألصقته إلى آخرٍ فقد لبدته، أو قال الجن لقومهم: (لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ) كاد أصحابه أن يكونوا عليه لبداً من شدّة طواعيتهم. وعن الحسن: " كادت العرب تلبّد عليه لمّا قال: لا إله إلا اللَّه ". وعن قتادة: " كادت الإنس والجنَّ تلبّد عليه وعلى إطفاء نوره ". ثم الوجه على قراءة الكسر: أن يكون استئنافاً ابتداء قصة لبيان حال الرسول مع المشركين، كأنه قال له: قل أوحي إليَّ من حال الجن، وإيمان بعضهم وكفرِ آخرين. وفي ذلك حثٌّ للسامعين على الإيمان ولطف بهم، ثم ابتدأ بقوله: أنه لمّا قام عبد اللَّه يدعوه ويوحده، كاد الفريقان يكونون عليه لبداً عناداً، أو رَوْمًا لإطفاء نوره، مع ما تلا عليهم من الآيات الباهرة والدلائل النيرة. والظاهر لما قمت تدعوه، فالعدول إلى المُظْهَر وإيثار عبد اللَّه على الرسول والنبي، لأنه واقع في كلامه، فيؤديه على ما يقتضيه التواضع. أو أشار تعالى إلى أنَّ


الصفحة التالية
Icon