(وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣) الحافظ داخله. هي مكة شرفها اللَّه كأنه قال: والأرض المباركة ديناً ودنياً، والبلد الذي من دخله كان آمنا في الدارين. وفيه نهج الترقي، إذ لا مطمح وراء أمنِ الدارين.
(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) تعديل. شكلاً وصورة، لا ترى في الكائنات أحسن منه، حتى يبلغ منه سرّ الملاحة حداً يعجز الواصف عن إبرازه قطعاً.
(ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (٥) وهو الكافر. في النار سِنّه مثل أحد، ويجر شفته على الأرض، والوجه أسود مظلم، وما بين كتفيه ما بين مكة والمدينة. عافانا اللَّه. أو رددناه في الدنيا بعد ذلك الحسن والجمال أسفل، من تسفل: تقوّس ظهره بعد اعتداله، وابيض شعره بعد اسوداده، وكَلَّ سمعهُ وبصره، وتناقصت قواه وعقله، وأَنِفَه من كان يحبه.
(إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ... (٦) استثناء متصل على الأول ظاهر الاتصال، منقطع على الثاني. أي: لكن الذين آمنوا وكانوا صالحين من الهرمى. (فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) غير مقطوع. بل يجري عليهم ثواب الأعمال التي كانوا يعملونها وهم أقوياء.
(فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّين (٧) الخطاب للإنسان، أي: بعد هذه الدلائل المشاهدة أيّ شيء يجعلك كاذباً بالإعادة؟، فإن مكذب الحق كاذب. و " الباء " للسببية. أو لرسول اللَّه - ﷺ - إلهاباً له، أو تعريضاً بالمكذبين، أي: بعد هذا البيان لا يكذبك شيء كهؤلاء الذين لا يبالون بآيات اللَّه تعالى. وعلى الأول استفهام توبيخ.